حميدو الفارس...فتوة بحرى
الانفوشي منذ 1900
اعنف من أنجبته الاسكندرية فى عالم " الفتونة "
اسمه بالكامل عبد الحميد عمر وإشتهر بـ حميدو الفارس ولد بالاسكندرية سنة 1890
صارع أحد عبيد الخديوى عباس حلمى الثانى فصرعه فى الحال
.. فأسماه الخديوى بالفارس
وهذا القصة قد ذكرت في مصادر مختلفة ترجع لعام 1930 وتحديداً في حي بحري في مدينة الإسكندرية في سباق القوارب الذي كان يقام بصفه رسمية سنويا بين أهل حي السيالة وأهل رأس التين.وهو السباق الذي كان يحضره الخديوي.
في هذا العام قرر حميدو أن يمثل منطقة السيالة، ولأن الخديوي عباس حلمي الثاني كان حاضرا لفاعليات السباق في هذا اليوم؛ اشتعل الحماس وفاز حميدو بالسباق؛ فألقى له عباس حلمي حفنة من الريالات الفضية مكافأة له على فوزه، لكن حميدو رفض أن يلتقطها من الأرض.تصرف حميدو أغضب الخديوي كثيراً.. فأمر باستدعائه إلى قصره برأس التين، وسأله منازلة أحد خدمه.فوافق حميدو دون خوف او رهبة، وبمجرد بدايه الصراع بينه وبين الخادم، ضرب حميدو خصمه برأسه فافقده الوعي.. ليسقط الخادم على الأرض وينال حميدو رضا الخديوي الذي لقبه في ذلك اليوم بلقب “الفارس” الذي أصبح مقترناً به حتى وفاته في عام 1936.. عن عمر ناهز 71 عاما.
وهو اللقب الذي منح حميدو قوة على قوته، حيث زادت سطوته وشعر بنفوذه.
كانت قوته تكمن فى جمجمته الصلبة القاسية يضرب بها خصمه فيصرعه فى الحال ،
وكان حميدو يسير فى شوارع حى بحرى والسيالة مرتديا السروال التركى الاسود وفوقه سترة واسعة وفوق رأسه طربوش مغربى يتدلى زره على أذنه ،
يتبعه أنصاره وفى ايديهم العصى ، وإذا ما رآه الناس لابد لهم أن يلوذوا ويلزموا بيوتهم خوفا من شره ونجاة بحياتهم وإلا فى إنتظارهم العصى والروسيات السكندرية .
إشتهر حميدو بين أهل الاسكندرية بصرخته المفزعة ، فكلما اراد شرا صاح بأعلى صوته " أنا حميدو الفارس " ثم يهجم على أى مقهى فى الطريق ويحطم مقاعده ومناضده وأوانيه
يضرب من رفع صوته علي صوته ..او وضع امامه رجلا علي اخري..او قصر في تحيته كما ينبغي
كان يأخذ غريمه فجأة ويضربه بما حضر من كرسي او شيشة او قلة
ويصر علي ان يعتذر له صاحب المقهي ويسترضيه
قائلا فداك يا ريس حميدو..الجهوة جهوتك وانا اخوك.
وبهذه الجرائم التافهة قضي معظم حياته في السجن.
2
جاء الى الاسكندربة مصارع يوناني لينازل من فيها من المصارعين وأعد له صاحب كازينو الشاطبي مسرحه .وهو يوناني مثله -وانتصر اليوناني على كل من نازله من المصارعين ووقف يقول هل من مزيد
أحس فتوات الاسكندرية عامة وفتوات بحري خاصة بالعار
--أخ على اسكندرية وعلى جدعانها!!!
جريجي مياس مش لاقي حد ينزله ؟!
ما تنزله يا حميدو
ورطة لم يستطع فتوة بحرى أن يتخلص منه فقال:
- ننزل لابوه.
وذهب أنصار حميدو وأبلغوا مدير الكازينو عن رغبة حميدو الفارس فى منازلة البطل اليونانيوتحدد الموعد فى عصر يوم الاحد القادم وشاع الخبر فى الجالية اليونانيةفإحتشدت كلها فى الكازينو
وذهب حميدو فى موكب يتألف من العربيات والحنطور والكاريتات التى تدل كل منها على إسم صاحبها من الفتوات
وأستاجر أنصار حميدو كل ما فى شارع السكة الجديدة من فرق الموسيقي النحاسية ليزفوه بعد خروجه منتصرا من المعركة
ودخل حميدو يشق الصفوف يتبعه عشرات من الصيادين والغواصين والفدائيين ومهربي الحشيش
وجاء صاحب الكازينو يطلب من حميدو أن يتكرم بالدخول فى حجرة خاصة ليخلع ملابسه ويرتدى سروال المصارعة
فوقف حميدو وخلع جاكتته مثل التى بالصورة وساعته من حزامه الاحمر الحرير الذي يلف كرشه وأعطاها لاحد أنصاره
وقال للمدير : خلاص أنا كده كويس... وهات الراجل بتاعك
ووقف أحد اليونانين يعلن فى البوق عن بدء المبارة بين بطل اثينا وبطل الاسكندرية وارتفع ستار المسرح
عن عملاق ضخم كأنه أحد ألهة سبارطة يزيده رهبة شارب طويل مفتول
وصعد حميدو الى المسرح يهز منكبيه حتى واجه الرجل وظن الرجل أنه أمام زميل يعرف قوانين الرياضة وآدابها
فمد له يده ليصافحه
ولكن حميدو تجاهل يده وقبض بكلتا يديه على طرفى شاربه وجذبه إلى اسفل وبادره بنطحة بين عينيه أحدثت صوتا سمعه كل من كان حاضرا
ثم أعقبه بأخرى فى فمه وثالثة على جبهته وترنح البطل
بين صيحات الجمهور اليوناني وكلها شتائم منتقاه وترك حميدو خصمه غارقا فى دمه ونزل قد أحاط به أعوانه وشقوا له الطريق الى الشارع وطاف موكب المنتصرين شوارع الاسكندرية الى ساعة متأخرة من الليل
وهم يهتفون: يا جريجي يامياس ...أبجي إتعلم ضرب الراس
وفي اليوم الثاني أقام أثرياء الصيادين وتجار الحشيش حفلة تكريم لحميدو أمتدت لقلعة قايتباي وكانت تشبه فى الطول وتعدد الوان الطعام سماط الخلفاء الفاطمين .غير انها تزيد بعشرة براميل مملوءة بالبيرة والنبيذ القبرصي
ولم يكن حميدو يقوم بإجرامه إلا وهو ثمل ،
حتى إذا إنتهى الأمر فى قسم البوليس يدونون شره بمحضر " سكر وعربدة " ،
ويفرج عنه وعن أنصاره بالضمان الشخصى ، وكان البوليس فى ذلك العهد يخشون سطوته ويحسبون له ألف حساب ، وكثيرا ما تجاهلوا تنفيذ الأحكام الصادرة ضده بالحبس أو بالغرامة .. حتى لا يوقع بهم أو يعمد إلى تحطيم أقسام البوليس أو الإعتداء على رجاله .
أنشأ حميدو فى أخريات أيامه قهوة على الميناء الشرقى ، ولم يكن احد من الزبائن يقترب منها أو يجرؤ على الجلوس فيها خوفا على حياته ، فحميدو زبونها الوحيد ، يجلس أمامها وفى يده الشيشة ، ولم يكن هذا يسئ لحميدو فى شئ ،
لانه مكن له من الإجتماع بمهربى الحشيش
المصدر
مقالات لبيرم التونسي نشرت بجريدة الجمهورية 1957
اترك تعليقا: